و هكذا تكون الأخوة بين الدعاة هي الركن المهم في تربيتنا بعد الصلاة و التسبيح، و ما من جزء من أجزاء الحركة الاسلامية يقذف بنفسه في ميدان العمل العام قبل احلال معاني الأخوة الايمانية في اعضائه الا ذاق وبال تساهله و تفريطه، و لامناص من ان تدرج بدايته على طريق الايمان و استغلال دقائق الليل الغالية، و يكون فيه أدب الأخوة مترجما في تناصح و تكافل و تحابب يجمع القلوب و يعلمها التحالم – ان لم يكن الحلم – عند ابطاء المقصر و تجاوز الملحاح، مثلما يعلمها المكافأة و الوفاء و الشكر عند اسراع المبادر و عدل خفيض الجناح. لقد أحب الإمام البنا هذا الأدب للدعاة ، و وضع له منهجا بحيثيرفع أخوتهم من مستوى الكلام و النظريات الى مستوى الأفعال و العمليات
و رأى رحمه الله من تآخي الرعيل الأول ما أقر عينه حيا، و برهان وفاء محبيه من بعده أن يكونوا دوما عند محاسن هذا الأدب، و أن يفيئوا اليه عند أول انتباهة اذا أنستهم الغفلات. إنها نعمة الأخوة
يجعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثمن منحة ربانية للعبد من بعد نعمة الإسلام فيقول: ما أعطي عبد بعد الإسلام خيرا من أخ صالح، فإذا رأى أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به
و يسميها التابعي مالك بن دينار "روح الدنيا" فيقول: لم يبق من روح الدنيا الا ثلاثة: لــقـــاء الإخــــــــــوان و التهــــجـــــــــــــد بالقـــــــــــرآن و بيــــت خـــــال يـــذكـــــــــر اللــــــــــــــــــه فيـــــــــه و يحكر لهم الشاعر صفة الذخيرة فيقول لعمرك ما مال الفتى بذخيرة | و لكن اخوان الثقات الذخائر |
و لهذا كثرت توصية السلف باتقان انتقاء الأخ الصاحب، لتصاب الذخيرة الحقة و الروح الحقة فكان من وصايا الحسن البصري سيد التابعين أن: ان لك من خليلك نصيبا، و ان لك نصيبا من ذكر من أحببت، فتنقوا الاخوان و الأصحاب و المجالس
فأما أولا: فقد عمموا صفة الخيرية باطلاق تحكم الانتقاء و عبروا عن ذلك بقولهم بالذي اخترت خليلا | أنت في الناس تقاس |
و تنل ذكرا جميلا | فاصحب الأخيار تعلو |
و ها هم السلف قد زادوا وذهبوا أبعد فعددوا صفات الأحبة يعينوك على دقة الاختيار أعلى صفاتهم طيبة القول، ذكرها عمر رضي الله عنه فقال: لولا أن أسير في سبيل الله، أو أضع جبيني لله في التراب، أو أجالس أقواما يلتقطون طيب القول كما يلتقط طيب الثمر، لأحببت أن أكون لحقت بالله
و من صفاتهم: أن أحدهم يرفع عنك ثقل التكلف، و تسقط بينك و بينه مؤنة التحفظ، و كان محمد بن جعفر الصادق رضي الله عنهما يقول: أثقل إخواني علي من يتكلف لي و أتحفظ منه، و أخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي
و من صفاتهم : ترك حضيض الدينار و الدرهم، و السمو الى العلا، و ضربواى لذلك الإمام أحمد بن حنبل في انتقائه الأصحاب مثلا، و ذلك حين يقول الذي يطريه: مضيما لأهل الحق لا يسأم البلا | و يحسن في ذات الإله اذا رأى |
بصير بأمر الله يسموا الى العلا | و اخوانه الأدنون كل موفق |
و من صفاهم: مذاكرة الآخرة، كما قال الحسن البصري: اخواننا أحب الينا من أهلنا و أولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا و إخواننا يذكروننا بالآخرة
و من صفاتهم: الايثار و هو أحد أركان بيعة الشاعر صالح حياوي لهم حين يقول: أبدا أظل مع التقاة، مع الدعاة العاملين
الناشرين لواء أحمد عاليا في العالمين
المنصفين المؤثرين على النفوس الآخرين
معهم أظل، مع التقاة، مع الدعاة المسلمين
و من صفاتهم: بـــــــــذل النـــصــــــــح فأحدهم : صالح يعاونك في دين الله و ينصحك